في لحظة تختزل سنوات من العمل والالتزام، تسلّم الخبيران الدوليان الأستاذ محمد عاشور والأستاذ محمد الطهراوي، يوم الاثنين بمقر الجامعة الملكية المغربية للتايكوندو، شهادة الحزام الأسود الدرجة الثامنة “دان” الدولية، الممنوحة من الهيئة الكورية العليا كوكيوان Kukkiwon، المؤسسة الأكثر اعتمادًا في العالم في تقييم درجات التايكوندو.
كفاءة وطنية تتخطى الحدود
الحدث لم يكن مجرد لحظة رمزية، بل تتويج لمسار رياضي وتكويني طويل، قاده الأستاذان باحترافية وصبر. اجتاز الأستاذ عاشور اختبارات كوكيوان بتفوق يُجسّد الكفاءة التقنية العالية التي بات يحملها، وهي كفاءة تُبرر استحقاقه لواحدة من أرفع الدرجات عالميًا، إذ لا تُمنح هذه المرتبة سوى لمن يحملون رصيدًا من الخبرة، والقدرة على التأطير، والمساهمة الفعلية في تطوير التايكوندو محليًا ودوليًا.
أي دلالة لهذا الإنجاز؟
هل يمكن قراءة هذا التتويج باعتباره تتويجًا فرديًا فحسب؟ أم أنه عنوانٌ لمسارٍ جماعي تشهده الرياضات القتالية في المغرب، خاصة في ظل السياسات الرياضية الحديثة التي تُعزز من موقع الكفاءة الوطنية في المحافل الدولية؟
رئيس الجامعة الملكية المغربية للتايكوندو، السيد إدريس الهلالي، لم يُخفِ اعتزازه بهذا الإنجاز، معتبرًا أن هذا الاعتراف الدولي يعكس تصاعد مستوى التأطير المغربي، ويُعدّ برهانًا إضافيًا على قدرة الكفاءات الوطنية على ولوج النخبة العالمية، ليس فقط بالمشاركة، بل بالتأثير وصناعة الفارق.
من التتويج الفردي إلى الرؤية المؤسساتية
في سياق يشهد حراكًا متزايدًا في الرياضات الفردية، يأتي هذا الإنجاز في قلب دينامية إصلاح وتأهيل، تُعززها الجامعة المغربية للتايكوندو، التي تمكّنت خلال السنوات الأخيرة من إرساء قواعد متينة لتكوين الأطر الوطنية، عبر برامج ممتدة تشمل الجانب التقني والبيداغوجي.
إن وجود أسماء مثل عاشور، الطهراوي، والكرماوي، في مراتب عليا من التصنيف العالمي، لم يعد حدثًا استثنائيًا، بل أصبح نموذجًا للتدرج المدروس، وربما أيضًا إشارة إلى أن المغرب في طريقه إلى لعب دور محوري في مستقبل التايكوندو على الصعيد الإفريقي والعالمي.
سؤال مفتوح للمستقبل
كيف يمكن البناء على هذا الاعتراف الدولي؟ وهل يتحول هذا التتويج إلى رافعة لتوسيع قاعدة الممارسة، وتنمية المهارات الوطنية من الأقاليم إلى النخبة؟
بين الإنجاز الفردي والرؤية الوطنية، يظل تتويج الأستاذين عاشور والطهراوي تأكيدًا جديدًا على أن الرياضة المغربية تمتلك من الكفاءات ما يجعلها فاعلًا وازنًا في ساحة التميز الدولي… إذا ما تم استثمارها ضمن رؤية استراتيجية متكاملة.