توم أسبينال يفتح النار على دانا وايت: حين تتحول الإصابة إلى أزمة ثقة داخل UFC

0
45

لم تكن ليلة دفاع توم أسبينال الأولى عن لقبه مجرد محطة عابرة في مسيرته القتالية. كانت، في المخيال الجمعي لجماهير الـUFC، لحظة تتويج منتظرة، واختبارًا حقيقيًا لبطل يريد ترسيخ اسمه في سجل العمالقة. لكن ما حدث، على أرض الحلبة وخارجها، حوّل تلك الليلة إلى مساحة للتأويل، والشك، وربما لشرخ خفي بين المقاتل وإدارة المنظمة.

في أكتوبر الماضي، تلقّى أسبينال ضربتين متتاليتين في العين من يده اليمنى لمنافسه سيريل غان، تسببتا له في فقدان واضح للرؤية. الحكم لم يجد خيارًا سوى إيقاف النزال قبل نهاية الجولة الأولى، ليُعلن رسميًا “لا نتيجة” (No Contest)، في قرار صدم الجماهير وأدخل المشهد في حالة ارتباك.

لكن أكثر ما أثار حفيظة البطل البريطاني لم يكن الإيقاف نفسه، بل ما جاء بعده.

في المؤتمر الصحافي الذي تلا الحدث، بدا دانا وايت، رئيس UFC، وكأنه يُغلق الملف بسرعة، مؤكدًا أن المقاتلين “بخير”، ومُلمّحًا إلى نزال إعادة فوري. بالنسبة لتوم أسبينال، لم يكن ذلك مجرد سوء تقدير، بل “تسرّع في إصدار حكم دون علم بالحقيقة الطبية”.

يقول بنبرة لا تخلو من مرارة:

“نعم، شعرت بخيبة أمل… لأنه لم يتحدث معي، ومع ذلك قدّم تقارير عن حالتي الصحية وكأنه كان حاضرًا ما حدث فعليًا. لم يكن لديه أي فكرة… ومع ذلك قرر أن يتكلم.”

الجملة التي أشعلت الغضب أكثر كانت تصريح وايت بأن أسبينال “لم يرغب في الاستمرار”، وهي صياغة خطيرة في عالم القتال، حيث تُقاس الرجولة بالصمود، وتُقرأ الكلمات أحيانًا كاتهام مبطن بالتهرّب. غير أن الواقع الطبي، كما كشف لاحقًا البيان الرسمي، يؤكد أن القوانين تُلزم بوقْف النزال حين يفقد المقاتل القدرة على الرؤية، وليس العكس.

البيان الطبي لم يترك مجالًا للتشكيك: “متلازمة رضّية ثنائية نادرة تصيب كلتا العينين، «تحدّ من القدرة على توجيه النظر للأعلى عند دوران العين للداخل»” تشخيص ثقيل، ومعقد، وخطير، ينسف فرضية التمثيل أو المبالغة من أساسها.

ورغم مرور ستة أسابيع على الحادثة، إلا أن أسبينال يكشف أمرًا أكثر دلالة: لم يتحدث مع دانا وايت نهائيًا. الاتصال كان مع مسؤولي المنظمة… لكن ليس مع الرجل الأول.

“أنا لا أتحدث مع دانا. ليست بيننا علاقة. أنا أتواصل مع هنتر.”

هنا، لا يمكن قراءة الأمر كخلاف عابر. بل كمؤشر على فجوة في التواصل بين المقاتلين وبعض هرم القرار داخل المنظمة. فجوة قد تتحول، إذا لم تُعالَج، إلى أزمة ثقة حقيقية.

السؤال الذي يفرض نفسه اليوم ليس فقط: هل كان دانا وايت متسرعًا؟

بل أيضًا:هل يمكن لرئيس منظمة عالمية بحجم UFC أن يُعلّق على إصابة مقاتل دون استشارة طبية دقيقة ودون تواصل مباشر مع المعني بالأمر؟ وهل بدأنا نشهد تصدعات جديدة في العلاقة بين المقاتلين والإدارة في عصر الإعلام الفوري والضغط الجماهيري؟

قضية أسبينال لم تعد مجرد eye-poke.
بل أصبحت نموذجًا جديدًا لصراع أكثر تعقيدًا: صراع بين السلطة والصوت… بين المؤسسة والإنسان… بين الصورة الرسمية والحقيقة الطبية.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا