بعد الاطلاع والإلمام بكل جوانب الموضوع إعادة صياغته بصحافة الفن والثقافة :

0
99
صورة : DAZN

لم تكن كلمات تايسون فيوري مجرد “توقع” عابر عندما قال إن جايك بول سيُسقط أنتوني جوشوا بالضربة القاضية. من يعرف طريقة تفكير الـ Gypsy King يدرك أن الرجل لا ينطق جملة دون غاية، وأن تصريحاته ليست مجرد إثارة للضجيج الإعلامي، بل جزء من إستراتيجية أكبر تُبنى على تشريح نفسي دقيق للخصوم، وعلى قراءة عميقة لموازين القوى داخل مشهد الملاكمة عالميًا.

جوشوا… البطل الذي فقد الإيقاع

أنتوني جوشوا ليس ذلك الوحش الذي كان عليه قبل سنوات. 14 شهرًا من التوقف، يتبعها سقوط قاسٍ بالضربة القاضية أمام دانيال دوبوا، وضعت الكثير من علامات الاستفهام حول قدرته على العودة إلى مستواه الذهبي.

فيوري يعرف ذلك جيدًا، ويعرف أن أي بطل، مهما كان تاريخه، حين يفقد الإيقاع، يصبح أكثر هشاشة مما يظنّ.

جوشوا يدخل لقاء جايك بول ليس فقط ليهزم خصمًا، بل ليهزم ذاكرة السقوط الأخير. وهذا النوع من القتال — قتال الذات — هو الأخطر عادة.

جايك بول… مشروع مقاتل أم مشروع ظاهرة؟

مهما حاول البعض الاستهزاء بجايك بول، فإن الحقيقة التي يرفض الكثيرون الاعتراف بها هي أنه لاعب ذكي في لعبة التسويق، ويعرف كيف يطوّع النظام لمصلحته.

لكن الأهم: جايك بول، اليوم، أصبح مقاتلًا يملك ثقة زائدة، وقاعدة جماهيرية صلبة، وتحسّنًا ملموسًا في الوزن والقوة.

فيوري يقرأ هذا التحول، ويبدو أنه يرى أن بول — بما يملكه من جرأة وبساطة في الأسلوب — قد يكون خصمًا صعبًا على جوشوا الذي يعيش أزمة هوية داخل الحلبة.

هل صدق فيوري… أم أراد ضرب جوشوا دون أن يلمسه؟

من غير المنطقي أن فيوري، الخصم التاريخي لجوشوا، يخرج ليمنحه دفعة معنوية. على العكس: ما فعله فيوري هو ضرب معنويات جوشوا نفسيًا قبل أن يلتقيا — على الأرجح — في صيف العام المقبل.

عندما يقول فيوري: “جايك بول سيفوز بالضربة القاضية”، فهو لا يصف جايك بول بالقوة، بل يصف جوشوا بالهشاشة.

هذا هو قلب الرسالة.

لعبة شطرنج؟ نعم. لكن بها جزء من الحقيقة.

هل بول قادر فعلًا على إسقاط جوشوا؟ الإجابة الواقعية: الاحتمال ضعيف جدًا.

لكن فيوري لا يهتم بنسبة الاحتمال بقدر اهتمامه بخلق “شك” داخل رأس جوشوا، وجعل الجمهور — بل وربما جوشوا نفسه — يتساءل: هل البطل السابق ما زال يمتلك تلك النار التي تجعله لا يُقهر؟

ختامًا

تصريح فيوري ليس تحليلًا تقنيًا بقدر ما هو محاولة لترسيخ رواية جديدة: جوشوا لم يعد مخيفًا، وجايك بول — بغض النظر عن قيمته الرياضية — في صعود.

في عالم الملاكمة، النفَس النفسي أحيانًا أقوى من اللكمة.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا