بلاغ الجامعة الملكية للتايكواندو… حين يتحوّل “التذكير القانوني” إلى إعادة رسم لحدود السلطة الرياضية

0
31

أصدرت الجامعة الملكية المغربية للتايكواندو بلاغًا موجّهًا إلى رؤساء العصب والجمعيات المنضوية تحت لوائها، تُذكّر فيه بجملة من الضوابط القانونية والتنظيمية المؤطرة لتنظيم الدورات التكوينية، خاصة تلك المرتبطة بمجالات التحكيم والتأطير والتكوين التقني.

البلاغ، الذي يأتي في صيغة إدارية هادئة، لا يكتفي بعرض مقتضيات قانونية معروفة، بل يعكس في عمقه توترًا صامتًا بين المركز والجهات، وبين منطق “الاختصاص الحصري” للجامعة، ورغبة بعض العصب الجهوية في توسيع هامش المبادرة والتدبير الذاتي.

القانون في الواجهة… والسياق في الخلفية

تحيل الجامعة في بلاغها إلى مقتضيات النظام الأساسي النموذجي، خاصة المادتين 05 و10، فضلًا عن القانون رقم 30-09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة، مؤكدة أن أي نشاط تكويني ذي طابع جهوي أو وطني، مهما كانت طبيعته أو تسميته، لا يمكن تنظيمه دون تنسيق مسبق وترخيص صريح من إدارة الجامعة.

من الناحية الشكلية، يبدو البلاغ تذكيرًا تقنيًا بمساطر تنظيمية. غير أن توقيته ومضمونه يوحيان بوجود ممارسات سابقة دفعت الجامعة إلى إعادة التأكيد على سلطتها التنظيمية، خصوصًا في ما يتعلق بتكوين الحكام والمدربين، وهي مجالات حساسة ترتبط مباشرة بشرعية القرار التقني وبنية النفوذ داخل الحقل الرياضي.

ما الذي يُقال… وما الذي لا يُقال؟

البلاغ لا يُسمّي الجهات أو العصب المعنية، ولا يُشير صراحة إلى خروقات محددة، لكنه يضع خطًا فاصلًا واضحًا بين “المبادرة الجهوية” و”الاختصاص المركزي”، مشددًا على أن أي نشاط يحمل صفة جهوية أو وطنية يظل خاضعًا لإشراف الجامعة، سواء تعلق الأمر بالتكوين أو بأي نشاط يُدرج ضمن برامجها السنوية.

هذا الأسلوب، الذي يتجنب المواجهة المباشرة، يعكس منطق الضبط الوقائي أكثر مما يعكس منطق الزجر، لكنه في الآن نفسه يُعيد طرح سؤال جوهري: إلى أي حد تتمتع العصب الجهوية باستقلالية فعلية؟ وأين تنتهي صلاحياتها وتبدأ سلطة الجامعة؟

بين الحكامة والتوجس التنظيمي

في سياق أوسع، يمكن قراءة البلاغ كجزء من نقاش متجدد حول الحكامة الرياضية، وحدود اللامركزية داخل الجامعات، خاصة في ظل مطالب متزايدة بإشراك الجهات في صناعة القرار، مقابل تخوف مركزي من تشتت المعايير وتعدد المرجعيات.

الجامعة، من خلال هذا البلاغ، تختار لغة القانون والمؤسسات، وتؤكد على وحدة المعايير والتدرج الإداري، لكنها تترك، عن قصد أو غير قصد، مساحات للتأويل حول طبيعة العلاقة المستقبلية بينها وبين مكوناتها الجهوية.

خلاصة مفتوحة

بلاغ الجامعة الملكية المغربية للتايكواندو لا يمكن اختزاله في كونه إشعارًا إداريًا عابرًا، بل هو مؤشر على دينامية داخلية تعيشها الرياضة الوطنية، حيث يتقاطع القانون مع التدبير، والمركز مع الجهة، والتنظيم مع الرغبة في المبادرة.

وبين ما هو مُعلن وما هو مسكوت عنه، يبقى الرهان الحقيقي هو بناء توازن دقيق بين وحدة القرار واحترام الاختصاصات، بما يخدم تطوير التايكواندو المغربي دون أن يتحول القانون إلى أداة كبح، أو تتحول المبادرة إلى فوضى تنظيمية.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا