في خطوة غير متوقعة، ردّ البرازيلي أليكس بيريرا، بطل الوزن الثقيل الخفيف في الـUFC، على دعوة خصمه الشيشاني خمزات شيماييف بأسلوب غير مألوف: لم يطلب مواجهة في الحلبة، بل عرض عليه قتالًا في الجوجيتسو البرازيلي، أي في الميدان الذي يُعدّ سلاح شيماييف الأقوى.
الردّ بدا في ظاهره تحديًا شجاعًا، لكنه في عمقه يحمل رسائل نفسية واستراتيجية أعمق بكثير من مجرد قبول نزال. فبيريرا الذي استعاد لقبه بفوز ساحق على الروسي ماغوميد أنكالاييف في أكتوبر الماضي ضمن حدث UFC 320، يبدو اليوم في موقع مختلف تمامًا — إنه لم يعد يطارد الخصوم، بل يختار من يواجههم وفق قواعده الخاصة.
من “Poatan” إلى “Borz”: صراع أساليب أم صراع رمزي؟
في الوقت الذي كان الجميع ينتظر أن يوجّه بيريرا أنظاره نحو جون جونز، اختار أن يردّ على تصريحات شيماييف الذي أعلن استعداده للصعود إلى الوزن الثقيل لمواجهته. لكن بيريرا، عوضًا عن الدخول في صراع تقليدي، حوّل المعركة من نزال قتال شامل إلى نزال جوجيتسو، قائلاً بلهجة حاسمة:
«إنه يقول إنه يريد مواجهتي، فليتحرّك إذًا. يمكنني أن أتحداه في مجاله. دعنا نقاتل في الجوجيتسو. ويمكن أن نجعل ذلك في الـUFC BJJ. لنحوّل التحدي إلى حقيقة.»
بهذه الكلمات، أطلق بيريرا أول دعوة رسمية من نوعها داخل الـUFC لمبارزة في الجوجيتسو لأغراض خيرية، معلنًا أن كل الأرباح التي سيحصل عليها ستذهب إلى جمعية خيرية. خطوة تجمع بين البعد الإنساني والتكتيك الإعلامي، ما يجعلها ضربة ذكية على أكثر من مستوى.
بين الرسائل النفسية والتكتيك الإعلامي
ما فعله بيريرا ليس مجرد تحدٍّ رياضي. إنه مناورة ذهنية محسوبة.
فهو يعلم أن شيماييف يستمد هيبته من قدرته على السيطرة الأرضية والإخضاع، وأنه كلما زاد الخصم قوة في هذا الجانب، زاد شعور الجمهور بالرهبة من مواجهته. لكن بيريرا قلب المعادلة: تحدّاه في ميدانه، ليجرده من عنصر المفاجأة والخوف، وليظهر بمظهر المقاتل الكامل الذي لا يخشى أي نوع من النزال.
من جهة أخرى، هذا التصرف يرفع من صورة بيريرا في الإعلام والجماهير، إذ يقدمه كرياضي مستعد للتضحية بالأموال من أجل هدف إنساني، ما يوسع قاعدة احترامه داخل وخارج الحلبة.
كيف سيردّ خمزات شيماييف؟
السؤال الأهم الآن: هل سيقبل شيماييف التحدي؟
الشيشاني معروف بثقته المفرطة وبأسلوبه الهجومي الذي لا يعرف التراجع، لكن قبول تحدٍ في الجوجيتسو، خاصة داخل حدث رسمي لـUFC، يعني دخول معركة رمزية قد تهز صورته كـ“الوحش الذي لا يُقهر” إن خسر فيها أمام مقاتل ضارب بالأساس.
في المقابل، إن رفض التحدي، فذلك قد يُفسَّر كنوع من التردد أو فقدان الثقة، خصوصًا أمام جمهور يقدّس الشجاعة في عالم القتال. لذا فشيماييف محاصر بين خيارين أحلاهما مرّ: القبول والمخاطرة، أو الرفض ومواجهة الانتقادات.
خلاصة تحليلية
ما بين براعة بيريرا في إدارة المعارك داخل القفص وخارجه، واندفاع شيماييف في فرض حضوره على الساحة، نحن أمام فصل جديد من الحرب النفسية داخل الـUFC، حيث تتحول التصريحات إلى أسلحة والتحديات إلى اختبارات للهيبة أكثر منها للمهارة.
وبين سطور هذا التحدي، يبدو أن بيريرا لا يكتفي بالدفاع عن لقبه، بل يسعى إلى إعادة تعريف مفهوم البطولة: ليس فقط من يضرب بقوة، بل من يملك الجرأة لتحدي خصمه في ملعبه.